دراما102: إنتصار الأمنيات القاتلة!!
بقلم: أحمد التهامي.
بمرور الزمن تظل بعض التجارب لاصقة بالذهن الى درجة استحضار لقطات بعينها وتذكر خلاصة احاسيس انتابتك لحظة المشاهدة لفيلم فيعمل تمازج الاصوات والخلفيات الموسيقية واتساع المناظر و ترابط واشتداد الصراع على انبعاث لذة ما تختمر داخلك وتسكن الى حين استدعائها في تجارب اخرى لاحقة فتكذب التجربة دون ان ندري الفرادة!! وتبدو مشاهدنا المختارة والمفضلة خاضعة لقانون له علاقة بنا نحن المشاهدون اكثر مما له علاقة بالتجارب المتجددة لكن كل تجربة تستجد على مداركنا وتتمكن من تخزين صورها عندنا تغير في معارفنا وتفضيلاتنا فنجد انفسنا نمارس الرياضة المفضلة للفيلسوف الالماني هايدغر الذي يقول: "يجب علينا ان نباشر السير الدائري وليس هذا مجرد مخرج من الورطة كما انه ليس عيبا ان نهج هذا الطريق هو قوة للتفكير والبقاء فيه احتفال للتفكير على اعتبار ان التفكير صنعة" ( انظر : مارتن هايدغر؛ كتابات اساسية؛ ص68) فخضوعنا لقوانين الصنعة يجعلنا نلاحظ التشابه الكبير بين فيلم :
(Eat pray love / كل؛ تأمل؛ اعشق (
موضوع حديثنا اليوم وفيلم ( تحت شمس توسكانا لدايان لاين) الذي سبق وخضنا تفاصيله في اكثر من مقال اذ كلتا البطلتين كاتبة وكلتا البطلتين طلقت وكلتا البطلتين ذهبت الى ايطالية في رحلة استجمام على اثر الطلاق! ليس هذا فقط بل يصل التشابه حدا اعلى على مستوى خلاصة الشعور العام للمتفرج فالفيلم الاول رسالة تفاؤل وكذلك الثاني لكن( تحت شمس توسكانا) لاسباب عديدة اقوى واكثر امتاعا ولذة من فيلم جوليا روبرتس الذي بين يدينا اليوم! ربما لانه يركز عمله في موضوعته الرئيسية أي الحالة النفسية لبطلة الفيلم بينما في اغلب اجزاء فيلم (كل تأمل اعشق ) تبدو البطلة كسائحة عابرة تروي مايحدث مع اخرين دون ان تواجه أي تحدي اللهم الا اذا اعتبرنا لسعات البعوض في الهند تحديا مثيرا!! و من ناحية اخرى نحن نتحدث عن صناعة هوليوود التي تسير وفق قوانين يختلط فيها الحس التجاري بشان الرواج وتحقيق الارباح بالفن الخالص لذا لايعقل ان يكون التشابه وليد لحظة توهم وخيال منطلق فقط بل حتى لو افترضنا ان منتجا ما ارغم صناع الفيلم على اختيار مزيج السياحة والعاطفة هذا لصناعة فيلم وهو اسواء الاحتمالات لكان ذلك خضوعا من هذا المنتج بالذات لقانون اخر يفعل فعله العميق في كيفية استقبال الناس للاعمال الفنية اقصد اختيا ر المتلقي لمشاهد تتفق مع تفضيلاته وقوالب تفكيره المسبقة اذ يترك المشاهد كل تفاصيل العمل ليحصل لنفسه على وفرة في المتعة واللذة من مشاهد تنسجم مع مقولات اخلاقية او طرق مقاربة ذهنية اعتادها دائما وسابقا( انظر: دراسة جاك لينهاردت في : القارئ في النص؛ تحرير:سوزان روبين سليمان؛ص252 ) وجاء الضعف من الرغبة في تصوير اغلب تفاصيل الكتاب الذي يستند اليه الفيلم وايضا من مشاهد المساعدة غير المفهومة للمارين في كل سفرة التي تبررها رغبة الكاتبة صاحبة الكتاب في التحول الى قديسة عند من تلتقيهم في سفر عابر!..