رجل ينتظر السيف..



دراما 69:              رجل ينتظر السيف..                                                                                                                        
بقلم: احمد التهامي.
قد أضيع خطواتي ذات اليمين و ذات الشمال ضنا مني أن لاشي جديد يمكن أن يحدث الآن وتقودني خطواتي إلى محل بيع الأفلام والمسلسلات فتتسع شهية البائع برؤيته وجهي و يخالجني شعور سريع انه سيخدعني بعد دقائق من الآن فيأخذه الحماس ملامحا وكلمات وهو يصف المسلسل الجديد الذي يجب أن لا أضيع دقيقة واحدة قبل اقتنائه فيرتفع صوت خفي في داخلي عد دراهمك جيدا ولا تقدم على شراء شي لا يقدم ولا يؤخر ويمكن بسهولة الاستغناء عنه  ويستمر البائع بكلامه الحماسي وانأ بشكي وحذري  .. هكذا قادتني الظروف و السوق لمشاهدة مسلسل: (  Spartacus :blood and sand / سبارتاكوس : الدم و الرمل) من بطولة : (الممثل:  اندي وايتفيلد )  وكانت كلمة انه الأكثر توزيعا الآن هي سر تغلبي على ترددي و شكوكي فانا أحاول إن اتبع السوق بإخلاص تام وقبل المشاهدة بلحظات كنت اسأل نفسي ما هو الجديد في قصة رويت عشرات المرات؟!وكانت المفاجئة كبيرة و مؤثرة بالنسبة لي: فاللقطات الأولى للحلقة الأولى من المسلسل استمرت حوالي دقيقة كاملة رأيت فيها بطل القصة على انه رجل مجهول مقيد بسلاسل أدمت يديه ويقبع في مكان رث وعاري من كل شي وتتساقط فوق رأسه ذرات لأشياء مجهولة لنصعد إلى على حيث حلبة مصارعة رومانية يحتدم فيها القتال فانشأ الكاتب بهذه الطريقة مشهدا يدفع لتساؤل يمكن أن يتخذ شكلين مختلفين لهما نفس الأثر على المشاهد من هو هذا الرجل ؟! لمن لا يعرف القصة من قبل او لمن يعرف القصة بشكل مشوه او ناقص او قديم أما الشكل الثاني للسؤال فهو ماذا يفعل هنا؟! لماذا اختيرت هذه اللحظة بالذات؟!يمكنك هنا أن تتسلى ببعض الكلام المراهق عن الحرية وفعل القيود في معصم الأسير او عن البطل وهو يعاني الآم ذله الخ المعزوفات القديمة المستهلكة بينما افترض إنا أن تقديم البطل ليس لشرح معاناته ولا لإعطاء موعظة عن الحرية! بل يقصد به كما أرجح التهدئة المعتادة في بداية كل قصة العبارة الأولى التي تسهل انفصال وانعزال المستمع او المشاهد عن أحداث حياته اليومية والالتحاق بعالم الحكي الخيالي  هذا من ناحية أما من ناحية أخرى فهي السماح بجولة أفق حرة لعين المشاهد تسمح له  ليس بمعرفة التحدي القاسي الذي يواجهه البطل فقط بل ترسم له الجو العام الذي ستدور فيه الأحداث بل و تستغل فترة التهدئة هذه لتجهيز المشاهد للمشاهد القادمة من حيث حجم الدم والعنف والجنس و الإثارة فيها فيكون الكاتب بذلك عمل في نفس الوقت على تحقيق أكثر من هدف من تقديم الشخصيات إلى رسم مسرح الأحداث إلى سرعة الدخول في التحدي الرئيسي إلى تمهيد للارتفاع في الإيقاع الذي يحدث مع انطلاق الدقيقة الثانية للمسلسل:فنشاهد محاربا عاري الرأس والصدر يهاجم بقوة وبضربات متلاحقة جنديا مدججا بالسلاح وبالدروع الواقية!! و ذلك في حد ذاته من شانه نقل المشاهد من مجرد حالة الاستعداد للمشاهدة والتلقي إلى حالة من المتابعة المشوبة بقلق الترقب و ممارسة التوقعات فيما يكون مصير هذا البطل الأهوج الذي هو ليس سبارتاكوس بالمناسبة بل رجل مجهول لا تتعدى فائدته حدود استخدامه في مشهد واحد لكنه بالتأكيد على قدر كاف من الأهمية ليصبح مصيره في كل ثانية من ثواني الدقيقة الثانية محطا للأنظار وسببا للجلوس المنعزل تماما عن المحيط وضجته  ولكن لحظة رفع الجندي المدرع القوي لسيفه وتوجيهه   نحو صدر المقاتل العاري لحظة ذات اثر خاص أيضا.

بحث هذه المدونة الإلكترونية